الواقعي وقبيح وذو مفسدة بعنوان التجري ، فكيف يجتمع في فعل واحد المصلحة والمفسدة والحسن والقبح؟ فلو تخيل المكلف أن زيد بن ارقم عدو الله يجب هتكه وكان في الواقع عالما عادلا يجب احترامه ، كيف تجتمع المصلحة والمفسدة فيه؟
ذكر صاحب الفصول انه يقع التزاحم بينهما ، وبعد الكسر والانكسار يبقى ما هو الغالب منهما.
وأجاب المحقق العراقي (ره) في مقالاته عن ذلك بعد تسليم ان الحسن والقبح مرجعها الى باب المصالح والمفاسد في الاحكام بأن هناك اختلافا في الرتبة ، ومعه لا تزاحم ، وذلك لأن التجري انما هو في طول الحكم الواقعي لا في رتبته فانه قطع بالخمر وحرمته أولا ثم تجرى وخالف قطعه بذلك ، فلو لم يكن الخمر حراما في الواقع لم يتحقق التجري في شرب مقطوع الخمرية (١).
وهذا الجواب ذكره ايضا المحقق في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية عن شبهة ابن قبه ، فذكر هناك ان الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي فان الشك في الحكم الواقعي مأخوذ في موضوع الحكم الظاهري ، فلا يكون الحكم الظاهري في رتبة الحكم الواقعي ليقع التنافي ، ونذكر هذا الوجه هناك في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية مفصلا مع نكاته وخصوصياته.
ولكن هذا الكلام لو تمّ في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية فهو لا يتم في المقام ، وذلك لأن التجري في المقام انما هو في طول الحرمة المزعومة لا في طول وجوب الاحترام الواقعي في المثال ، فهو تخيل ان زيد بن أرقم عدو الله يحرم اكرامه ، فأكرمه ، فانكشف انه عالم عادل يجب اكرامه ، فالتجري في طول الحرمة المتخيلة ، واما بالنسبة الى الحكم الواقعي وهو وجوب الاكرام فهو في عرضه ، فليس هناك طولية واختلاف في الرتبة كما في باب الأحكام الظاهرية ، حيث ان الحكم الظاهري مجعول في مورد الشك في الحكم الواقعي فيكون في طوله ، ونذكر
__________________
(١) مقالات الأصول ، ص ١٦.