دليل الوجوب واقعاً ، وبعبارة اخرى بين الحكم الظاهري وبين الحكم الواقعي.
ويأتي الكلام فيه في باب الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية في الجواب عن شبهة ابن قبه ، وهناك اجوبة تكفي في الجواب عن الشبهة فيما اذا كان الحكم الواقعي الزاميا والظاهري ترخيصيا أو بالعكس ، ولا تكفي فيما اذا كان الحكمان إلزاميين كما في المثال ، فلا بد من التفصيل هناك ، وفي الحقيقة هو التزام بنصف شبهة ابن قبه ، وتمام الكلام هناك ان شاء الله.
التنبيه الثالث : ذكر المحقق العراقي (قده) ثمرة للبحث عن قبح التجري ، وهي انه لو قلنا بقبح التجري تكون الصلاة فيما اذا علم بحرمة صلاة الجمعة وأتى بها برجاء كونها حراماً وكانت في الواقع واجبة باطلة ، واما لو قلنا بعدم قبحه تكون الصلاة صحيحة (١).
ولكن التحقيق في المقام ان الفعل المتجرّى به تارة يكون توصليا واخرى يكون تعبدياً ، فان كان توصليا فان استكشفنا من الدليل سعة الملاك وانه موجود حتى في الفرد المحرم يكون الفعل صحيحا ان كان واجبا توصليا في الواقع وان كان قبيحا ومحرما في الظاهر ، واما ان لم نستكشف سعة الملاك وكونه موجوداً حتى في الفرد الحرام فلا يمكن القول بصحته على القول بقبح التجري.
وأما إن كان الفعل تعبدياً كما في المثال فحيث انه لا بد في صحة الفعل التعبدي من وجود امرين :
احدهما : ان يكون قابلا في نفسه لأن يتقرب به.
الثاني : فعلية التقرب به ، فلا يكون الفعل صحيحاً إن لم يقصد العبد التقرب به واقعا ، سواء قلنا بقبح التجري أم لا ، أما على القول بالقبح فواضح ، لأن الاتيان بالفعل يكون سلبا للمولى حقه وظلماً له ، وحينئذٍ فلا يمكن ان يتقرب بمثل ذلك الفعل الى المولى لعدم صلاحيته في نفسه لان يتقرب به ، واما على القول بمقالة
__________________
(١) نهاية الأفكار ، ج ٣ ، ص ٤٢.