ليس بعلم آخر بل هو بنفسه ظاهر عند العقل ، وكونه لنفسه ظاهراً عند العقل لا يختص به بل تمام الموجودات الذهنية كالحب والبغض والارادة ونحوها كذلك ، فانها بنفسها ظاهرة لدى العقل ولا تحتاج الى مظهر ، فمن هذه الناحية يشترك العلم مع باقي المجردات الموجودة في عالم النفس ، وانما الشيء الذي يميزه عن غيره هو كونه كاشفاً وطريقا وغيره ليس كاشفاً وطريقاً ، فتمام حقيقته هو كونه كاشفاً وطريقاً.
وحينئذٍ يعود الاشكال ، حيث ان المأخوذ موضوعا ان كان عنوان الظاهر بنفسه فهو ينطبق على باقي المجردات في عالم النفس فيلزم ان يكون غيره ايضا موضوعاً ، وهذا خلف ، وإن كان خصوص هذا الظاهر بنفسه فلا خصوصية له عن غيره إلا بكاشفيته وطريقته.
التقريب الثاني : ان العلم من الصفات الحقيقية ذات الاضافة على ما ذهب اليه كثير من الفلاسفة ، وتوضيح هذا الكلام وتقريب كونه وجها لدفع الاشكال ومصححا للتقسيم المذكور هو ان الصفة إما أن تكون حقيقية وإما أن تكون اضافية ، والصفة الحقيقية هي التي يكون لها وجود في الخارج حقيقة كالسواد والبياض ، والصفة الاضافية هي التي ليس لها وجود حقيقة ، بل هي امر اعتباري وانتزاعي ينتزعها العقل من منشأ انتزاعه ، كالأبوة والبنوة والفوقية والتحتية وغير ذلك ، والصفة الحقيقية إما أن تكون ذات اضافة كالقدرة والارادة والحب والبغض وغير ذلك فان القدرة بلا مقدور والارادة بلا مراد والحب بلا محبوب غير متعقلة.
وأما ان لا تكون الصفة الحقيقية ذات اضافة كالسواد والبياض وغيرهما فانهما يحتاجان الى محل فقط يعرضان عليه ، والعلم على ما ذهب اليه كثير من الفلاسفة من الصفات الحقيقية ذات الاضافة وان ذهب بعضهم الى انه من الصفات الاضافية لكنه ليس بشيء.
وبناء على كونه من الصفات الحقيقية ذات الاضافة تكون الاضافة غير حقيقة العلم ، ويكون العلم واجداً للاضافة ، وحينئذٍ يقال في تقريب التقسيم : ان المراد بالقطع المأخوذ في موضوع الحكم على وجه الصفتية العلم مع قطع النظر عن