القطع ، ولذا ورد : «من وجد اليقين فقد وجد برد اليقين» ، وحينئذٍ فمن الممكن ان يأخذ الشارع القطع موضوعاً بما انه كاشف وبما هو قطع فيكون مأخوذاً على وجه الطريقية والكاشفية ، وان يأخذ القطع موضوعاً بما انه مسكن للنفس ومبرد لها ، وواجد لصفة المسكنية والمبردية فيكون مأخوذاً على وجه الصفتية.
ثم ان الخصوصية الملازمة للقطع المأخوذة في الموضوع قد تكون مأخوذة بدلا عن القطع ، وقد تكون مأخوذة منضمة الى القطع ، وعلى هذا التقريب يصح التقسيم الثاني ايضا كما لا يخفى ، وهذا التقريب يلائم المثال الذي ذكره الشيخ الاعظم (قدسسره) ، وهو ما لو كان ابنه في الهند ونذر أن يتصدق لو علم بحياة ابنه كي يخرج نفسه عن الاضطراب وعدم الاطمئنان ، كما ان التقريب مستفاد من المثال الذي ذكره (قده).
وأما التقريب الثاني فهو بعد بيان أمر وهو ان العلم عبارة عن الانكشاف ، وقد يكون الانكشاف للغير ، وقد يكون لنفس العلم ، وبعبارة اخرى قد يكون العلم انكشافاً لنفسه ، وقد يكون انكشافا لغيره ، والأول : كما في علم الباري تعالى على ما ذهب اليه الشيعة من ان علمه عين ذاته ، فيكون العلم انكشافا لنفسه ، والثاني : كما في علم الانسان ؛ فان العلم بالنسبة الى الانسان حيث انه عرض قائم بالنفس ، والنفس تكون محلا له فيتحقق هناك ربط بين العلم والنفس ، وهذا الربط يوجب كون العلم انكشافا للنفس ، فالربط بين النفس والعلم اثنان في الحقيقة ، احدهما : كون العلم علما وانكشافاً في النفس وقائما بها ، والثاني : كون العلم انكشافاً للنفس لا لغير النفس.
إذا عرفت هذا فنقول : انه يمكن للشارع أخذ القطع موضوعاً ، تارة بما انه انكشاف في النفس فيكون مأخوذاً على وجه الصفتية ، وأخرى بما انه انكشاف للنفس فيكون مأخوذاً على وجه الطريقية ، ويصح حينئذٍ التقسيم الرباعي كما لا يخفى ، وهذا التقريب يلائم عبارة من عبارات المحقق الخراساني (قدسسره) في المقام ، وهي قوله : ان القطع قد يكون مأخوذاً بما هو حالة في النفس ، وقد يكون مأخوذاً بما هو كاشف للنفس ، هذا مضمون كلامه.