بقي هنا شيء وهو ان المحقق الخراساني (قدسسره) ذكر في المقام ان القطع المأخوذ في الموضوع على وجه الصفتية ، تارة يؤخذ بما هو صفة للقاطع ، وأخرى يؤخذ بما هو صفة للمقطوع به ، كما ان المأخوذ بما هو صفة للقاطع ، تارة يكون تمام الموضوع ، واخرى يكون جزء الموضوع كذلك المأخوذ بما هو صفة للمقطوع به ، تارة يكون تمام الموضوع ، واخرى يكون جزء الموضوع (١).
والتحقيق : ان هذا التقسيم غير معقول ؛ فان المقطوع به هو المعلوم ؛ فان اراد ان القطع يؤخذ بما هو صفة للمعلوم بالذات في قبال اخذه بما هو صفة للقاطع ، فهو غير معقول ؛ لان اخذه بما هو صفة للعالم هو اخذه بما هو صفة للمعلوم بالذات ، فليس اخذه بما هو صفة للمعلوم بالذات قسما في قبال اخذه بما هو صفة للعالم ؛ وذلك من جهة انه تقدم ان العلم والمعلوم بالذات شيء واحد في الحقيقة والوجود ، فلو اخذ بما هو صفة للقاطع لا بما هو صفة للمقطوع به بالذات يلزم ان تكون حرمة الشرب ثابتة لاي علم تعلق بأي معلوم وبأي شيء ولو بغير خمرية هذا المائع مثلا ، فلو علم بكون هذا المائع سكنجبين مثلا ، أو علم ان ذاك المائع ماء يلزم ان يكون حراما ، وهكذا.
والوجه في ذلك ان موضوع الحرمة في قوله : «لا تشرب معلوم الخمرية» ، هو المائع الذي وقع موصوفاً للعلم ، أي أن الموضوع هو المعلوم ، لكن لا مجرد اتصافه بالعلم بأي علم ، بل اتصافه بالعلم بالخمر ؛ فالموضوع هو معلوم الخمرية لا كل معلوم ، وهذا يستدعي ان يكون نفس ما اتصف به العالم وهو العلم بالخمر صفة للمعلوم بالذات ، ولا يتصور ان يكون العلم بالخمر صفة للقاطع ، ولا يكون صفة للمعلوم بالذات ، ولو فرض محالا انه لا يكون صفة للمعلوم بالذات ، فمعناه ان المعلوم بالذات هو نفس المتصف بالعلم أي نفس المعلوم لا معلوم الخمرية ، ومن الواضح ان معلوم السكنجبينية أيضاً معلوم ، ومعلوم المائية ايضا معلوم ، فيلزم ان تكون الحرمة ثابتة لهما أيضا ، لأنهما أيضا معلومان ، هذا في المعلوم بالذات.
__________________
(١) كفاية الاصول : مقصد ٦ ، ص ٢٦٣.