والاصول مقام القطع في تنجز الواقع.
ولكن هذه الشبهة انما ترد على مباني القوم القائلين بان التنجز إنما هو من لوازم القطع وآثاره ، ولذا أسسوا على هذا المبنى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، واما على مبنانا من ان التنجز وتصحيح العقاب انما يكون من آثار سلب المولى حقه والتعدي عليه ، ولا بد ان يبحث عن ان سلب المولى حقه هل يختص بالمخالفة والعصيان فيما اعتقد كونه غرضا له أو يعم ما احتمل كونه من اغراضه وملاكاته؟ وبعبارة اخرى ، لا بد من البحث عن ان من حق المولى ان يطاع ولا يخالف فيما اعتقد انه حكم المولى فقط او يعم الاطاعة وعدم المعصية فيما احتمل انه حكم المولى ايضا؟
فنقول : ما احتمل كونه حكم المولى تارة يكون بدرجة من الاهمية بحيث يقطع المكلف بانه لو كان هناك حكم وملاك لا يرضى المولى بتركه حتى في صورة الشك ، كما اذا كان هناك غريق يحتمل كونه ابن المولى ، ويحتمل كونه عدوه ، فانه لو كان ابن المولى يجب انقاذه للمكلف ، وهذا الوجوب بدرجة من الأهمية يقطع المكلف بعدم رضى المولى بتركه حتى في صورة الشك.
وأخرى لا يكون الحكم وملاكه بدرجة من الأهمية بحيث يقطع المكلف بوجوب امتثاله حتى في صورة الشك ، فان كان الحكم بنحو لا يقطع المكلف بعدم رضى المولى بتركه حتى في صورة الشك لا يكون احتماله منجزاً ، واما ان كان الحكم بنحو يقطع المكلف بعدم رضى المولى بتركه حتى في صورة الشك في وجوده ، فيعلم المكلف بأنه لو كان مثل هذا الحكم موجوداً في الواقع لا يرضى المولى بتركه حتى في صورة شك المكلف ، فمثل هذا الحكم يكون نفس احتماله منجزاً للواقع بلا احتياج الى امارة أو اصل ، وانما تكون الامارة أو الأصل دافعا لاحتمال المؤمّن ، فمن حق المولى ان يطاع ولا يخالف في احتمال هذا الحكم ايضاً ؛ لان نفس احتماله يكون منجزاً ، فعلى مبنانا لا بد من البحث عن ان الامارات والاصول كيف تكون معذرة عن