الواقع (١).
وأجاب المحقق النائيني (قدسسره) عن هذه الشبهة بان الامارات ، والاصول الشرعية طريق الى الواقع شرعاً من ناحية ادلة الجعل ، فتكون علماً بالواقع ، وكاشفة عنه تعبداً ، فالقطع يكون بيانا للواقع ذاتا وكاشفا عنه ، والامارة والاصل يكونان بيانين له بالتعبد الشرعي ، فيخرج مورده عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ويدخله في قاعدة حسن العقاب مع البيان ؛ لانه بيان تعبدي (٢).
والبحث عن هذا المبنى ، وهو كون الامارات والاصول طريقا الى الواقع ، وكاشفاً عنه ، يجيء في باب الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، ونذكر هناك خصوصياته ودقائقه وتماميته وعدمها.
ولكن لو تم هذا المبنى في باب الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، فانما يفيد في الجواب عن الشبهة في باب الامارات ، واما في باب الاصول التنزيلية فلا يفيد بوجه ؛ وذلك لانها ليست مجعولة بنحو الطريقية والكاشفية عن الواقع بل في باب الاصول يكون المجعول حكما ظاهريا في ظرف الشك في الحكم الواقعي وليس فيها أي طريقية.
وذكر المحقق العراقي (قدسسره) في الجواب تقريبين : (التقريب الأول) ويتضح بعد بيان مقدمة وهي ان الاحكام الواقعية على نحوين :
أحدهما : ما يكون الملاك فيه بدرجة من الأهمية يقطع المكلف بعدم رضى المولى بتركه حتى في صورة الشك في وجود الحكم واحتمال وجوده ، فيقطع المكلف بانه لو كان هناك حكم موجود لكان بدرجة من الاهمية لا يرضى المولى
__________________
(١) وهذا الأمر أيضاً ظهر جوابه مما تقدّم وذلك لأنه إذا كان من حقّ المولى أن يطاع ولا يخالف حتى في احتمال الحكم الذي لو كان موجوداً لكان بدرجة من الأهمية لا يرضى الشارع بتركه حتى في صورة الشك ، يكون ذلك حق المولى فله الترخيص في تركه ، فإذا جعل امارة أو أصل يكون ذلك رخصة ومؤمّناً ومعذّراً للعبد عن الواقع. من المقرر.
(٢) أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٩.