(وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً* نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) (الآيات / ٤٦ ـ ٤٧)
***
كان هذا النوع من المقابلة للقرآن الكريم من باب (... وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا ...) (النمل / ١٤) مع شعورهم بعجزهم عن مقابلة القرآن الكريم كما ندرس ذلك في ما يأتي :
أ ـ قريش تتشاور كيف تمنع تأثير القرآن في النفوس :
ذكر ابن هشام (١) وغيره واللفظ لابن هشام في خبر تحير الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن وقال : اجتمع اليه نفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم ، فقال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فاجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا.
قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رايا نقل به ؛ قال بل أنتم فقولوا أسمع ؛ قالوا : نقول كاهن ؛ قال لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة (٢) الكاهن ولا سجعه ؛ قالوا : فنقول : مجنون ؛ قال : ما هو بمجنون. لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ؛ قالوا : فنقول : شاعر ؛ قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا : فنقول : ساحر ؛ قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا
__________________
(١) سيرة ابن هشام ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، وابن اسحاق ص ١٣١ ـ ١٣٢.
(٢) الزمزمة : الكلام الخفي الذي لا يسمع.