على عهد الرسول (ص) مثل النفر الذين سمّوا بالقرّاء من أصحاب الرسول (ص) الذين بعث منهم سبعين شخصا لتعليم القرآن ، فاستشهدوا في بئر معونة.
وكان رسول الله (ص) عند ما ينتخب الأقرأ من أصحابه ، ليوليه على المسلمين مهما استطاع الى ذلك سبيلا ينتخب الاكثر علما بتلاوة لفظ القرآن مع فهم معناه.
ومن جملة ذلك انه (ص) بعث مع الأنصار بعد ما بايعوه في العقبة بمنى مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ، وأمره أن يقرئهم القرآن ، ويعلمهم الاسلام ، ويفقههم في الدين ، فكان يسمى مصعب بالمدينة المقرئ (١).
وكذلك كان يفعل الصحابي الفقيه ابن مسعود الذي عيّنه عمر بن الخطاب ، ليعلم أهل الكوفة القرآن في مسجد الكوفة عند ما كان يقرئ القرآن فانه لم يكن معلّم كتاتيب يعلّم الأطفال تلاوة الفاظ القرآن ، بل كان مقرئا يعلم طلاب علوم القرآن تلاوة لفظ القرآن مع بيان معانيه.
وبناء على ذلك كان معنى الاقراء على عهد الرسول الى سنوات قليلة من بعده تعليم تلاوة اللفظ مع تعليم معناه.
والمقرئ من يعلم تلاوة لفظ القرآن مع تعليم معنى اللفظ والقارئ وجمعه القرّاء من تعلّم تلاوة لفظ القرآن مع تعلّم معنى اللفظ.
وقد قال الراغب في مادة (قرأ) من مفردات القرآن (كل اسم موضوع لمعنيين معا يطلق على كل واحد منهما اذا انفرد كالمائدة للخوان وللطعام ، ثم قد يسمّى كل واحد منهما بانفراده به) وكذلك جرى الأمر في استعمال مادّة الإقراء فإنه كان في عصر الرسول (ص) يستعمل في المعنيين تعليم تلاوة اللفظ وتعليم معنى اللفظ وأصبح بعد انتشار تعلم القرآن يستعمل الإقراء في أحد المعنيين وهو
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٤٢.