تعليم معنى الآيات التي تحتاج الى تفسير ومن تلك الموارد ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس أنه قال :
كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجّها ... الحديث (١).
وإذا علمنا أن إسلام عبد الرحمن بن عوف كان في السنة الثالثة من البعثة حسب ما يذكر ابن هشام من أخبار السابقين الى الإسلام من المهاجرين (٢).
وانّ آخر حجة حجّها عمر كانت سنة ٢٣ ه وقتل في الشهر نفسه قتل في المدينة ، عرفنا أن المدّة بين الزمانين أكثر من اثنتين وثلاثين سنة ولم يكن كبراء المهاجرين أمثال عبد الرحمن بن عوف أطفال كتاتيب ليقرئهم ابن عباس تلاوة ألفاظ القرآن وإنما كان يعلّمهم تفسير القرآن.
ما يؤيّد انّ الصحابة كانوا يعنون بتعلّم معنى القرآن :
سيأتي في أخبار القرآن في عصر الخليفة عمر أنه كان يسأله عن معاني القرآن وأنه كان يقول في حقّه (نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس).
وكيف روّض الخليفة عمر كبار الصحابة أن يقترءوا القرآن من ابن عباس وكان الذين يفتون في عصر عمر هم الذين يقرءون القرآن ، أي لهم حق تعليم معنى القرآن كما سندرسه ـ باذنه تعالى ـ بعد إيراد أخبار وروايات في شأن القرآن في ما يأتي.
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ / ١١٩ باب رجم الحبلى من كتاب الزنا إذا احصنت.
(٢) ذكر ابن هشام إسلام عبد الرحمن بن عوف وآخرين من المهاجرين قبل مباداة رسول الله (ص) قومة في السنة الثالثة من البعثة راجع سيرة ابن هشام ط. الحلبي بمصر سنة ١٣٥٥ ه ١ / ٢٦٨.