والدقع الرضا بالدون من المعيشة وسوء احتمال الفقر واللصوق بالأرض من الفقر والجوع ، فهم ينامون على التراب ويلتحفون السماء ، والدوقعة الفقر والذل ، وجوع أدقع وديقوع شديد ، وهم مثل (بنو غبراء) في الفقر والحاجة ، أولئك الذين توسدوا الغبراء واتخذوا التربة فراشا لهم ، لعدم وجود ملجأ لهم يأوون إليه ، ولا مكان يحتمون به (١).
***
كانت تلكم بعض انواع طعامهم في ايام المخمصة واحيانا كانوا لا يجدون ما يقتاتون به ، فيؤدي ذلك بهم الى الانتحار الذي كانوا يسمونه الاعتفاد كالآتي بيانه :
وكان بين الجاهليين فقراء معدمون مقعدون لم يملكوا من حطام هذه الدنيا شيئا ، وكانت حالتهم مزرية مؤلمة ، منهم من سأل الموسرين نوال إحسانهم ، ومنهم من تحامل على نفسه تكرما وتعففا ، فلم يسأل غبا ولم يطلب من الموسرين حاجة ، محافظة على كرامته وعلى ماء وجهه ، مفضلا الجوع على الشبع بالاستجداء ، حتى ذكر ان منهم من كان يختار الموت على الدنية ، والدنية هي أن يذهب الى رجل ، فيتوسل إليه بأن يجود عليه بمعروف ، ومنهم من اعتقد ، والاعتفاد أن يغلق الرجل بابه على نفسه ، فلا يسأل أحدا حتى يموت جوعا ، وكانوا يفعلون ذلك في الجدب ، قيل : كانوا إذا اشتد بهم الجوع وخافوا أن يموتوا أغلقوا عليهم بابا وجعلوا حظيرة من شجرة يدخلون فيها ليموتوا جوعا (٢).
روى السيوطي بتفسيره سورة قريش عن عمر بن عبد العزيز انه قال : كانت قريش في الجاهلية تعتقد وكان اعتقادها : أنّ أهل البيت منهم كانوا إذا
__________________
(١) تاريخ العرب قبل الاسلام تأليف الدكتور جواد علي ٥ / ٨٠ ـ ٨١ ط. دار العلم في بيروت سنة ١٩٧٠ م.
(٢) مادة عفد من تاج العروس وتاريخ العرب قبل الاسلام ٥ / ٨٠.