إنّما كانوا يغذون كلبهم ، لأنّه كان ينفعهم في حراسة بيتهم وماشيتهم بينما لم تكن البنت تجلب لاولئك الوائدين نفعا.
***
كانت تلكم أمثلة من الوأد خشية الإملاق ، أما الوأد بسبب الحمية حميّة الجاهلية فكالآتية أخبارها :
الوأد بداعي الحمية الجاهلية
ذكر أهل الأخبار أنّ بعض السبايا من نساء أشراف القبائل اخترن البقاء عند من سباهنّ وأبين الرجوع إلى عشائرهن عند المصالحة فأثار ذلك عندهم حميّة الجاهليّة ووأدوا بناتهم كما روى أبو الفرج في الأغاني في خبر قيس بن عاصم التميمي السعدي وقال :
أن سبب وأد قيس بناته أن المشمرج اليشكري أغار على بني سعد فسبى منهم نساء واستاق أموالا ، وكان في النساء امرأة ، خالها قيس بن عاصم ، فرحل قيس إليهم يسألهم أن يهبوها له أو يفدوها ، فوجد عمرو بن المشمرج قد اصطفاها لنفسه. فسأله فيها ، فقال : قد جعلت أمرها إليها فإن اختارتك فخذها ، فخيرت ، فاختارت عمرو بن المشمرج. فانصرف قيس فوأد كل بنت ، وجعل ذلك سنة في كل بنت تولد له ، واقتدت به العرب في ذلك ؛ فكان كل سيّد يولد له بنت يئدها خوفا من الفضيحة.
وقال :
وفد قيس بن عاصم على رسول الله (ص) فسأل بعض الأنصار عما يتحدث به عنه من الموءودات التي وأدهن من بناته ؛ فأخبر أنّه ما ولدت له بنت قط إلّا وأدها. ثم أقبل على رسول الله (ص) يحدثه فقال له : كنت أخاف سوء الأحدوثة والفضيحة في البنات ، فما ولدت لي بنت قط إلّا وأدتها ، وما رحمت منهن