جبن ونذالة.
وأما الاستيلاء على شيء عنوة وباستعمال القوة ، فلا يعد نقصا عندهم ولا شينا ولا يعد سرقة ، لأن السالب قد استعمل حقّ القوة ، فأخذه بيده من صاحب المال المسلوب ، فليس في عمله جبن ولا غدر ولا خيانة. ولذلك فرقوا بين لفظة (سرق) وبين الألفاظ الاخرى التي تعني أخذ مال الغير ، ولكن من غير تستر ولا تحايل ، فقالوا : (السارق عند العرب من جاء مستترا إلى حرز ، فأخذ مالا لغيره. فإن أخذه من ظاهر ، فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس ، فإن منع ما في يده فهو غاصب) (١).
ولم تعد (الغارة) سرقة ولا عملا مشينا يلحق الشين والسبّة بمن يقوم به. بل افتخر بالغارات وعدّ المكثر منها (مغوارا) ، لما فيها من جرأة وشجاعة وإقدام وتكون الغارة بالخيل في الغالب ، ولذلك قال علماء اللغة : (أغار على القوم غارة وإغارة دفع عليهم الخيل) (٢) ، وقد عاش قوم على الغارات ، كانوا يغيرون على أحياء العرب ، ويأخذون ما تقع أيديهم عليه ، ومن هؤلاء (عروة بن الورد) ، إذ كان يغير بمن معه على أحياء العرب ، فيأخذ ما يجده أمامه ، ليرزق به نفسه وأصحابه. بعد أن انقطعت بهم سبل المعيشة ، وضاقت بهم الدنيا ، فاختاروا الغارات والتعرض للقوافل سببا من أسباب المعيشة والرزق.
وذكر أهل الأخبار أسماء رجال عاشوا على الغارات وعلى التربص للمسافرين لسلب ما يحملونه معهم من مال ومتاع.
__________________
(١) لسان العرب وتاج العروس مادة ، (سرق).
(٢) تاج العروس مادة (غور).