مكّة فدخلا على النبيّ (ص) فقالا : يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه جئناك في ابننا عندك! فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه! فقال : من هو؟ قالوا : زيد بن حارثة فقال رسول الله (ص) فهلّا غير ذلك؟ قالوا : ما هو؟ قال (ص) : ادعوه وخيّروه فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا! قالا : زدتنا على النصف وأحسنت : فدعاه رسول الله (ص) فقال : هل تعرف هؤلاء؟ قال : نعم! هذا أبي وهذا عمّي ؛ قال : فأنا من عرفت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما! قال : ما أريدهما وما أنا بالّذي أختار عليك أحدا أنت منّي مكان الأب والعمّ. فقالا : ويحك! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك!؟ قال : نعم ورأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالّذي أختار عليه أحدا أبدا فلما رأى رسول الله (ص) ذلك أخرجه إلى الحجر ـ حجر إسماعيل ـ فقال : يا من حضر إن زيدا ابني يرثني وأرثه فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا فكان يقال له بعد ذلك : زيد بن محمد (ص) وزوجته الرسول (ص) بعد هجرته إلى المدينة ابنة عمّته زينب حفيدة عبد المطلب على كره من أمرها فلم يطق تعاليها عليه واستأذن النبي (ص) في طلاقها فقال النبي (ص) له : أمسك عليك زوجك وأوحى الله إليه أن يتزوجها بعد طلاقها من زيد ليكون عمله اسوة للمؤمنين فلا يكون عليهم حرج في أزواج أدعيائهم وخشي الرسول (ص) من قول الناس : أنه تزوج مطلقة من تبناه وأخفى الأمر في نفسه فأنزل الله عليه :
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً* ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً* الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً* ما كانَ مُحَمَّدٌ