أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (الآيات / ٣٧ ـ ٤٠) (١).
ك ـ القوي يأكل الضعيف :
لم ينحصر كسب المال بالظلم في الجاهلية بالسلب والنهب في الغزوات ، بل كان القوي منهم يأكل الضعيف كلما سنحت له الفرصة لذلك مثل خبر الاراشي ـ من قبائل اليمن ـ مع أبي جهل كما أورده ابن هشام (٢) في سيرته وقال :
قدم رجل من إراش (٣) بإبل له مكة ، فابتاعها منه أبو جهل ، فمطله بأثمانها.
فأقبل الاراشي حتى وقف على ناد من قريش ، ورسول الله (ص) في ناحية المسجد جالس ، فقال : يا معشر قريش ، من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني رجل غريب ، ابن سبيل ، وقد غلبني على حقي؟
قال : فقال له أهل ذلك المجلس : أترى ذلك الرجل الجالس ـ لرسول الله (ص) ، وهم يهزءون به لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة ـ اذهب إليه ، فإنه يؤديك عليه.
فأقبل الاراشي حتى وقف على رسول الله (ص) ، فقال : يا عبد الله ، إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله ، وأنا [رجل] غريب ابن سبيل ، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه ، يأخذ لي حقي منه ، فأشاروا لي
__________________
(١) راجع تفسير الآيات بتفسير الطبري وأمثاله ممن فسر القرآن بالروايات.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٩ ـ ٣٠ وط. القاهرة ١ / ٤١٦ ـ ٤١٧.
(٣) هو ابن الغوث ، أو ابن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وهو والد أنمار الذي ولد بجيلة وخثعم.