وفي روايتين أخريين عن الإمام الصادق قال :
(اقرءوا كما يقرأ الناس) (١).
الحقيقة الناصعة والقول الفيصل :
لقد مرّت بنا امور هائلة وخطيرة في ما قالوه في شأن جمع القرآن واختلاف مصاحف الصحابة والتابعين وإسقاطهم سورا وآيات فيها ، وزيادات سور وآيات اخرى فيها ، وأقوالهم في آيات ناسخة ومنسوخة في الحكم أو التلاوة أو الحكم والتلاوة معا.
واختلافهم في قراءات كثيرة متضادّة ، ملئوا فيها بطون موسوعات الحديث على اختلاف أنواعها ، من صحاح وسنن ومسانيد ومصنفات وزوائد ومستدركات وموسوعات علوم القرآن من تفاسير وكتب الناسخ والمنسوخ والقراءات ، ممّا يخيّل لقارئ تلك الكتب بادئ ذي بدء ، أنّ الاختلاف في أمر القرآن أكثر ممّا في الأناجيل.
ولكنّه إذا رجع إلى القرآن الكريم الّذي بأيدي عامّة الناس وحده والّذي ورثه جيل من الناس عن جيل حتّى انتهوا إلى الجيل الّذي أخذه من فم رسول الله (ص) وسجّله في عصره وبأمره ، لم يجد في هذا القرآن عيبا ولا أثرا من شيء ممّا ذكروه وسطروه.
وإذا وقف الإنسان السويّ على هذا المعين ، ثمّ أعاد النظر إلى كلّ تلكم الروايات مسندها ومرسلها وكل تلك العلوم قديمها وجديدها وجدها كلّها وجميعها : (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) (النّور / ٣٩).
__________________
(١) الحديث الأوّل والثاني في الكافي ٢ / ٦٣٠. والحديثان الآخران ، ص ٦٣١ وص ٦٣٣ ؛ ووسائل الشيعة ٤ / ٨٢١ ، وفيه عن الإمام الصادق أيضا : واقرءوا كما علمتم.