ما جاء في السنّة النبويّة من شرط انتشار الحرمة في الرضاع أن يكون في سنيّ الرّضاع ، وينبت اللّحم وينشز العظم ، دليل لما قلناه من أنّ الأحكام الإسلامية شرّعت وفق فطرة الإنسان. فليس في التبنّي من تأثّر في جسم المتبنّى عن والديه ، كما في الولد الصّلبي والرضيع الّذي نبت لحمه ونشز عظمه من الرّضاع.
ومثال آخر لتناسب أحكام الإسلام مع فطرة الإنسان تعيين الحولين للرّضاع ؛ قال سبحانه : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ ...) (البقرة / ٢٣٣).
إنّ هذا النظام في الرضاع يناسب فطرة الإنسان في عصر الحجر وهو يسكن الكهوف ، وفي عصر الحديد والبخار والكهرباء وهو يسكن ناطحات السحاب ، وفي عصر الذرّة وهو يصعد إلى سطح القمر ، ويناسبه إذا ولد على سطح الأرض ويناسبه إذا ولد في الأقمار الصناعيّة في الفضاء اللامتناهي ، في كلّ هذه الأحوال وكلّ هذه الأماكن وكلّ تلكم الأزمنة ، إنّ النظام المتناسب مع فطرة الإنسان الطفل الّذي لم تنبت أسنانه ولم يشتدّ عظمه ولحمه ولم تقو معدته ، رضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة.
* * *
كانت تلكم أمثلة من الأحكام الإسلاميّة المتناسبة مع فطرة الإنسان من حيث هو إنسان.
ثانيا ـ تناسب الأحكام الإسلامية المشرعة للإنسان الذّكر وللإنسان الانثى مع فطرة كلّ منهما :
قال الله سبحانه : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). (النّساء / ١١)