ولمّا هاجروا إلى المدينة ، وخالطوا اليهود الّذين كانوا قد حرّفوا شريعة موسى (ص) وخلطوها بجهالات وضلالات ، استفاد اليهود من استقبال المسلمين قبلتهم بيت المقدس ، وقاموا بإلقاء الشبهة وتشويش الأذهان بأقوالهم ، فضاق الرسول ذرعا بهم ، فحوّل الله القبلة إلى الكعبة بعد سبعة عشر شهرا من هجرة الرسول إلى المدينة.
* * *
كانت تلكم أمثلة توضح الحكمة في نسخ بعض أشكال الأحكام من شرائع أنبياء السلف.
وندرس في ما يأتي بحوله تعالى حكمة نسخ بعض أحكام شريعة خاتم الأنبياء وحقيقة الأمر فيها.
ب ـ حكمة النسخ في بعض أحكام شريعة خاتم الأنبياء وحقيقة الأمر فيها
نضرب مثالا واحدا يبيّن حكمة النسخ في بعض أحكام شريعة خاتم الأنبياء وحقيقة الأمر فيها ، بحكم توارث المتآخين من المهاجرين والأنصار في أوائل الهجرة حين كان أولو أرحام المهاجرين بمكّة مشركين.
ونسخ هذا الحكم بعد فتح مكّة ، قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) إلى قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ...). (الأنفال / ٧٢ ـ ٧٥)
عن الصحابي الزّبير ما ملخّصه :
(قال : لمّا قدمنا المدينة ، قدمنا ولا أموال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم وتوارثنا ... حتّى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار ،