خامسا ـ كيف نفسّر الآيات في السور الكبيرة؟
قبل البدء بدراسة الآيات الّتي قالوا عنها ناسخة ومنسوخة ينبغي التنبيه على ما يأتي :
إنّ الآيات الكريمة في السور الكبيرة تنقسم بحسب نزولها إلى نوعين :
أ ـ ما نزلت كلّ آية منها على حدة لتبيّن حكما إسلاميّا أو تكشف حقيقة من حقائق الغيب والشهادة مثل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ...). (النّساء / ٤٣)
فإنّ هذه الآية لا علاقة لها بما قبلها وما بعدها في مغزاها ، بل هي وحدة متكاملة ، وينبغي أن تدرس كذلك على حدة.
ومثل قوله ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). (المائدة / ٦٧)
فإنّ هذه الآية لا علاقة بينها وبين الآية ٦٦ قبلها ، ولا بينها وبين الآية ٦٨ بعدها ، فإنّ الآيات تتسلسل بهذا النحو :
(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ). (المائدة / ٦٦)