ثامنا ـ مناقشة استدلالهم بالآيتين :
أ ـ مناقشة استدلالهم بآية (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) :
مورد مناقشتنا فيها : تفسيرهم (آية) بمعنى الجزء من السورة ، ويكون المعنى على قولهم : ما ننسخ من آية من سور القرآن ، أو ننسها حكما وتلاوة ، نأت بخير منها. ونقول في مناقشتها :
أوّلا ـ ذكرنا أن مادّة (الآية) مشتركة بين معناها اللّغوي وعدّة معان اصطلاحية ، واللفظ المشترك بين عدّة معان لا يستعمل في الكلام دونما وجود قرينة تشخّص المعنى المقصود من بين تلك المعاني.
ثانيا ـ جاءت القرينة على المعنى المقصود من الآية في الكلام كالآتي :
إنّ هذه الآية جاءت ضمن مجموعة آيات يعاتب الله فيها اليهود إن لم يؤمنوا بهذا القرآن وبشريعة خاتم الأنبياء (ص) ولا بالإنجيل وشريعة عيسى ابن مريم (ع) ، فقد قال الله تعالى فيها :
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) * ـ إلى قوله تعالى ـ (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ ... كَفَرُوا بِهِ ...* وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ ...* وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ ...* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ...* أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...* وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ...). (البقرة / ٨٧ ـ ١٢٠)