في بحث (الأشهر الحرم والنسيء) من البحث التمهيدي الأوّل ؛ يكون المعنى : والحكم نؤخّر تبليغه بما فيه خير للناس في ذلك الزمان مثل تأخير تبليغ نسخ حكم استقبال بيت المقدس إلى هجرة الرسول (ص) إلى المدينة.
وهذا المعنى هو المراد من (ننسها) وليس المعنى الأوّل.
* * *
يفهم العربي اللبيب بذوقه السليم ما ذكرناه إذا اقتصر على ما جاء في كتاب الله لدرك معناه.
وإذا رجعنا إلى كتب التفسير ، وجدناهم يعملون ما يأتي :
أوّلا ـ يقتطعون الآية من مكانها في المجموعة الواحدة من الآيات ذات السياق الواحد.
ثانيا ـ يجرون على الآية الكريمة أنواع التبديل والتحوير بحسب اجتهادات المفسّرين ، مفسرين وقرّاء بعنوان اختلاف القراءات.
ثالثا ـ يعتمدون لفهم معنى الآية الأحاديث المروية في باب نسخ التلاوة الّتي سندرسها في ما يأتي إن شاء الله تعالى.
ب ـ مناقشة استدلالهم بآية (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ...) :
في مناقشة استدلالهم بهذه الآية نقول : هذه الآية ـ أيضا ـ نزلت ضمن مجموعة آيات يتحدّث فيها الله ـ جلّ اسمه ـ عن القرآن وأدب قراءته ، وتشكيك المشركين من أهل مكّة ، وإدحاض افترائهم ، حيث يقول ـ عزّ اسمه ـ :
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ* وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ