حادي عشر ـ دراسة آيات تقصّ حكاية الحكم المنسوخ :
إنّ الآيات الّتي قال العلماء فيها : (آية نسخت آية) ؛ أي أنّ الله سبحانه أنزل حكما إسلاميّا بوحي قرآني ، وبعد أن عمل المسلمون بتلك الآية نسخها بآية قرآنية اخرى.
وبناء على ذلك يكون في القرآن آيات منسوخة وآيات ناسخة ، نقول :
إنّ قولهم هذا وتعريفهم له غير صحيح.
والصحيح : أنّ الله ـ سبحانه ـ كان قد أنزل بعض الأحكام المؤقتة بوحي غير قرآني وبعد عمل المسلمين بها في الوقت المحدّد له في علم الله وانتهاء ذلك الوقت أنزل نسخ تلك الأحكام بوحي غير قرآني ، وبلّغ الرسول (ص) ذلك للمسلمين ، ثمّ بعد كلّ ذلك أنزل في القرآن أخبار تلك الأحكام مع شرح ملابساتها لأخذ العبرة منها.
ولا يسع المجال لدراسة جميع مواردها ، وإنّما نكتفي بدراسة أربعة منها قالوا عنها : إنّ الآية الناسخة تقدّمت في الذكر على الآية المنسوخة (١) ، كالآتي :
آية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ...) (الأحزاب / ٥٠).
قالوا : إنّها ناسخة لقوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) (الأحزاب / ٥٢).
وبناء على ذلك فإنّ الآية الناسخة متقدّمة في الذكر على الآية المنسوخة. والواقع على حدّ زعمهم خلاف ذلك ، كما سنشرحه بعيد هذا.
__________________
(١) البرهان في علوم القرآن للزركشي ٢ / ٣٨.