لست أدري كيف لم ينتبه لقوله ـ تعالى ـ : (مِنْ بَعْدُ) أي بعد ما تقدّم ذكره من تحليل الأزواج : (لا يَحِلُّ لَكَ ...).
ولست أدري كيف قال ، إنّ قوله تعالى : (مِنْ بَعْدُ) نزل قبلا؟
كان هذا واقع الأمر في المورد الأوّل من أقوالهم في النسخ.
وحقيقة الأمر في المورد الثاني كالآتي :
ثانيا ـ آيات القبلة :
قبل دراسة آيات القبلة ينبغي أن ندرس أوّلا خبر تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة مع الإشارة إلى ما سبقه من أخبار وما تبعه من حوادث ـ بحوله تعالى ـ ثمّ نورد آيات القبلة وندرسها.
أ ـ أخبار ما قبل تحويل القبلة
كانت الكعبة قبلة الأنبياء قبل موسى بن عمران (ع) ، وبعد موسى بن عمران (ع) أصبح بيت المقدس قبلة بني إسرائيل ، ولم تنسخ إلى أن هاجر الرسول (ص) إلى المدينة.
وكان رسول الله (ص) في مكّة يستقبل في صلاته الكعبة وبيت المقدس معا ، وعند ما هاجر إلى المدينة لم يكن ذلك ميسورا ، فاستقبل في صلاته بيت المقدس ، وكان يعلم أنّ القبلة ستتحوّل إلى الكعبة (١).
ويدل على ذلك ما رواه ابن هشام في خبر البيعة الثانية الكبرى بالعقبة ، عن كعب بن مالك ، وكان قد حضر البيعة الثانية ، قال كعب ما موجزه :
خرجنا في حجّاج قومنا من المشركين ، وقد صلّينا وفقهنا ، ومعنا البراء
__________________
(١) راجع تفسير الطبري ٢ / ٣ ـ ٤ ؛ وتفسير السيوطي ١ / ١٤٦.