ولم يتقيّد الرواة بالألفاظ وقالوا : عمل الإمام عليّ (ع) بالآية (١) بدل أن يقولوا عمل بالحكم ، ومن ثمّ أوجدوا هذا التوهم. هذا ما نراه ولا ندخل في نقاش مع من أصرّ على رأيه.
رابعا ـ آية أوّلها منسوخ وآخرها ناسخ :
أكثر العلماء من تعداد هذا الصنف من النسخ على حد زعمهم في شأن النسخ. قال الزركشي في بيان نوع من هذا الصنف :
(الرابع ما اجتمع فيه الناسخ والمنسوخ وهي إحدى وثلاثون سورة) ثمّ عدّها وقال :
ومن غريب هذا النوع آية أوّلها منسوخ وآخرها ناسخ ... وهي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة / ١٠٥) ، فهذا ـ أي لا يضركم ـ ناسخ لقوله : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (٢). انتهى كلام الزركشي.
لست أدري هل يرى قائل هذا القول : أنّ النصف الأوّل من هذه الآية هبط به جبرائيل على النبيّ (ص) وبلّغه النبيّ (ص) للمسلمين وعمل به المسلمون ، ثمّ هبط جبرائيل مرّة ثانية من قبل الله بالنصف الثاني ، وبلّغه النبيّ (ص) للمسلمين ثمّ ألصق النبيّ (ص) نصفي الآية بعضها ببعض بأمر من الله وأصبحت آية واحدة! لست أدري ما ذا يقول؟!
ثمّ لست أدري أين الناسخ والمنسوخ في هذه الآية! لست أدري؟!
* * *
__________________
(١) نفس المصدر السابق.
(٢) البرهان في علوم القرآن ٢ / ٣٥.