خامس عشر ـ رأي مدرسة أهل البيت في نسخ القرآن بالسنّة ونسخ التلاوة :
إنّ القول بنسخ التلاوة ـ كما قلنا في حقيقته ـ قول بثبوت نصّ قرآني بروايات الآحاد ، ونسخ النصّ القرآني ـ أيضا ـ بروايات الآحاد. وقد قال في ذلك الشيخ المفيد في أوائل المقالات :
(إنّ القرآن ينسخ بعضه بعضا ولا ينسخ شيئا منه السنّة ، بل تنسخ السنّة به كما تنسخ السنّة بمثلها من السنّة. قال الله عزوجل : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها). وليس يصحّ أن يماثل كتاب الله تعالى غيره ، ولا يكون في كلام أحد من خلقه خير منه) (١).
يقصد أنّ حديث الرسول هو كلام الرسول (ص) الّذي خلقه الله ، ولا يصحّ أن يقال إنّ كلام الرسول (ص) مثل كلام الله أو خير من كلام الله ـ معاذ الله ـ لينسخ به القرآن وهو كلام الله.
وقال صاحب المعالم :
(ولا تنسخ الكتاب والسنّة المتواترة بالآحاد عند أكثر العلماء ، لأنّ خبر الواحد مظنون وهما معلومان ، ولا يجوز ترك المعلوم بالمظنون) (٢).
ويقصد بغير الأكثر من العلماء : بعض العلماء من الأخباريين.
__________________
(١) أوائل المقالات ، ط. النجف ، سنة ١٣٩٣ ، ص ١٥٥ ـ ١٥٦ للشيخ المفيد (ت : ٤١٣ ه).
(٢) معالم الدين وملاذ المجتهدين للشيخ حسن بن زين الدين العاملي (ت : ١٠١١ ه) ، ط. النجف ، تحقيق البهبهاني ، ص ٣٦٩ ، (أصل في نسخ الكتاب والسنّة).