فتوى امّ المؤمنين عائشة في الرضاع وظروفها
كانت امّ المؤمنين عائشة على أثر إرجاع الخلفاء إليها في السنن منذ عهد الشيخين حتّى عصر معاوية ـ عدا عليّ بن أبي طالب ـ أكثر امّهات المؤمنين حاجة لملاقاة المستفتين.
وقد شاركت في حوادث سياسيّة عنيفة ، ممّا لم نعهد لغيرها من امّهات المؤمنين أن شاركن في نظائرها.
ولعلّ هذا وذاك كان الباعث لها أن تتأول وتفتي بأنّ الرجل الكبير إذا أرضعته امرأة خمس رضعات تنتشر الحرمة بينه وبين المرضع. وتعمل بفتواها وترسل الرجل الّذي (أحبّت أن يراها ويدخل عليها) إلى أخواتها وبنات أخيها ، فيرضعنه كذلك ، ويدخل عليها بتلك الرضاعة.
وكان سالم بن عبد الله بن عمر من اولئك ، فقد بعثته إلى اختها امّ كلثوم فأرضعته ، وقالت في جواب إنكار أزواج الرسول عليها : إنّ الرسول أمر سهلة زوجة أبي حذيفة أن ترضع مولاهم سالما الّذي كان متبناهم قبل ذلك أن ترضعه خمس رضعات ، ويدخل عليها بذلك ، وأبت أزواج الرسول أن يدخل عليهنّ أحد حتّى يرضع في المهد (١).
وفي سنن أبي داود وفتح الباري في شرح صحيح البخاري واللفظ للأوّل :
(كانت عائشة (رض) تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبّت عائشة أن تراه ، ويدخل عليها ، وان كان كبيرا ، خمس رضعات ، ثمّ يدخل عليها بتلك ، وأبت امّ سلمة وسائر أزواج النبيّ (ص) أن يدخل عليهن بتلك
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٢٧١ ، بترجمة سهلة ، وفيه خبر إفتاء عائشة بذلك وإرضاع امّ كلثوم سالما. وفي ص ٤٦٢ منه بترجمة امّ كلثوم ابنة أبي بكر ، إرسال امّ المؤمنين سالما إليها وإرضاعها إيّاه. وفي ٣ / ٨٧ منه بترجمة سالم مولى أبي حذيفة إباء سائر أزواج الرسول من ذلك.