فقال عمر بن الخطاب : واخرى إنّا لم نأتكم لحاجة إليكم ، ولكن كرها أن يكون الطعن في ما اجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم!
فحمد العبّاس الله وأثنى عليه ، وقال : إنّ الله بعث محمّدا كما وصفت نبيا ، وللمؤمنين وليّا ، فمنّ على أمّته به ، حتّى قبضه الله إليه واختار له ما عنده ، فخلّى على المسلمين أمورهم ، ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحقّ لا مائلين بزيغ الهوى.
فإن كنت برسول الله طلبت ، فحقّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين أخذت فنحن منهم. فما تقدّمنا في أمرك فرطا ، ولا حللنا وسطا ، ولا برحنا سخطا ، وإن كان هذا الأمر وجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين.
ما أبعد قولك من أنّهم طعنوا عليك من قولك إنّهم اختاروك ومالوا إليك! وما أبعد تسميتك خليفة رسول الله من قولك خلّى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك!
فأمّا ما قلت : إنك تجعله لي ، فإن كان حقّا للمؤمنين فليس لك أن تحكم (١) فيه ، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض ، وعلى رسلك فإنّ رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
فخرجوا من عنده.
نهاية أمر المعارضة
وروى معمّر عن الزّهري عن امّ المؤمنين عائشة في حديثها عمّا جرى بين فاطمة وأبي بكر حول ميراث النبيّ (ص) قالت :
__________________
(١) في نسخة الجوهري والإمامة والسياسة : فإن يكن حقّا لك فلا حاجة لنا فيه.