إضافة إلى أنّه كان يتجمل بابن عم الرسول في حاشيته ، وان ابن عباس وامّ المؤمنين عائشة كانا يعلمان كيف يفتيان ما لا يخالف سياسة الخلافة ويدل على هذا الأمر ما رواه ابن كثير وقال : كان يقول للصحابة (أقلّوا الرواية عن رسول الله (ص) إلّا في ما يعمل به) (١).
وما أوردناه عن عبد الرّحمن بن عوف أنّه قال ما موجزه :
ما مات عمر بن الخطاب حتّى بعث إلى أصحاب رسول الله (ص) ، فجمعهم من الآفاق فقال : ما هذه الأحاديث الّتي أفشيتم عن رسول الله (ص) في الآفاق؟
قالوا : تنهانا؟!
قال : لا ، أقيموا عندي ، لا تفارقوني ما عشت ، فنحن أعلم ، نأخذ منكم ونرد عليكم.
فما فارقوه حتى مات (٢).
فقد كان عند الصحابة أحاديث عن رسول الله محظور عليهم روايتها وإذاعتها كما درسناها في بحث اختلاف المصاحف ، ولا بدّ أن يكون عند كل من امّ المؤمنين عائشة وابن عباس علم بالحديث المحظور روايته وإذاعته. واعتمادا على درايتهما بسياسة الخلافة كان الخليفة يستفتيهما ، ويرجع الآخرين اليهما.
و ـ عمل الاثنين المذكورين بسياسة الخلافة في رواية الحديث :
إذا تدبّرنا في نوع الآيات الّتي كان الخليفة يوجّه الأسئلة عن تفسيرها إلى
__________________
(١) تاريخ ابن كثير ٨ / ١٠٧.
(٢) كنز العمال ، كتاب العلم ، باب في آداب العلم والعلماء ، فصل في رواية الحديث ، طبعة حيدرآباد ١٠ / ١٨٠ ، الحديث رقم ١٣٩٨ ؛ ومنتخبه بهامش مسند أحمد ٤ / ٦٢.