المسلمين ولا يعتنق الإسلام إنسان ما على وجه الأرض منذ عصر الرسول حتى عصر الإمام عليّ (ع) إلّا ويشترك مع سائر المسلمين في حلبة السباق في تقارؤ القرآن مؤمنا كان أو منافقا ، فالمؤمن طلبا لرضا الله والمنافق طلبا للشهرة في مجتمع كان القرآن فيه ميزانا للمفاضلة بين أهله.
ولذلك لما انتشرت الفتوح في عصر الخليفة عمر بلغ عدد القرّاء بين المسلمين ما لا يحصيه غير الله سبحانه.
كثرة القرّاء في عصر عمر :
ومن أخبار القرّاء في هذا العصر ما رواه أبو نعيم بسنده عن أبي الأسود الدؤلي أنّه قال (١) : جمع أبو موسى القرّاء ، فقال : لا تدخلوا عليّ إلّا من جمع القرآن.
قال : فدخلنا عليه زهاء ثلاثمائة فوعظنا ، وقال : أنتم قراء أهل البلد ، فلا يطولن عليكم الأمد ...
وأيضا روى عن أبي كنانة عن أبي موسى الأشعري : أنّه جمع الّذين قرءوا القرآن فاذا هم قريب من ثلاثمائة ، فعظم القرآن وقال : إنّ هذا القرآن كائن لكم أجرا ...
وقال : كان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد ـ مسجد البصرة ـ يقعد حلقا ، فكأنّي أنظر إليه بين بردين أبيضين يقرئني القرآن ومنه أخذت هذه السورة (اقرأ باسم ربّك الّذي خلق) ، قال أبو رجاء : فكانت أوّل سورة نزلت على محمّد رسول الله (ص).
* * *
__________________
(١) حلية الأولياء لأبي نعيم ١ / ٢٥٦ و ٢٥٧.