إنّ عثمان كان يقول : أيّها الناس! إنّ أبا بكر وعمر كانا يتأوّلان في هذا المال ظلف أنفسهما ـ يريدان المشقة لأنفسهما ـ وذوي أرحامهما ، وانّي تأوّلت فيه صلة رحمي (١).
وروى ابن عساكر في ترجمة عثمان عن الزهري وقال :
إنّ عثمان لما ولي كره ولايته نفر من الصحابة ، لأنّ عثمان كان يحبّ قومه ، فولي الناس اثنتي عشرة سنة ، وكان كثيرا ما يولّي بني اميّة ممّن لم يكن له مع النبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ صحبة ، فكان يجيء من امرائه ما ينكره أصحاب محمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وكان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم ، وذلك في سنة خمس وثلاثين ، فلمّا كان في الستّ الأواخر استأثر بني عمّه ، فولّاهم وما أشرك معهم ، وأمرهم بتقوى الله ، فولّى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر ، فمكث عليها سنين ، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه ، وقد كان قبل ذلك من عثمان هناة إلى عبد الله بن مسعود ، وأبي ذر ، وعمّار بن ياسر ، فكانت بنو هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود ، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها ، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمّار بن ياسر (٢).
تولية بني اميّة على رقاب المسلمين :
كانت تلكم أمثلة من سيرة الخليفة الأمويّ عثمان في الأموال ، وكانت سيرته في توليته بني عمومته على رقاب المسلمين كما يأتي بيانه :
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٤.
(٢) تاريخ دمشق لابن عساكر ، مخطوطة مصوّرة المجمع العلمي الإسلامي بطهران ١١ / ١ / ١٤٠ أ ، والعقد الفريد ٤ / ٢٨٧ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ٥ / ٢٦.