في ذلك فالأمر يتمّ بحضوركم عنده ، فقالوا : وإن كان الأمر كذلك غير إنّا نرغب أن تحضر وتشهد ، فقال عليّ : يشهدكم من هو أقوى منّي وأعظم من جميع المخلوقين وأرحم على عباده.
فذهب أشراف مصر إلى دار عثمان واستأذنوا للدخول عليه ، فلمّا أذن لهم ودخلوا عليه أكرمهم وأجلسهم إلى جنبه ، ثمّ سألهم وقال : ما الّذي أقدمكم؟ وما ذا دهاكم فقدمتم دونما رخصة منّي أو من عاملي؟!
فقالوا : جئنا نستنكر منك ما يصدر منك ، ونؤاخذك بما يصدر من عاملك.
ثمّ ذكر ابن أعثم ما جرى بينهم من حجاج وأقوال (١).
محنة المسلمين وموقف الإمام عليّ منها :
وكان نتيجة شكوى أهل مصر ما ذكره البلاذري (٢) حيث قال :
لمّا ولي عثمان كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله (ص) لأن عثمان كان يحبّ قومه ، فولي الناس اثنتي عشرة حجّة ، وكان كثيرا ما يولّي من بني اميّة من لم يكن له مع النبيّ (ص) صحبة ، فكان يجيء من امرائه ما ينكره أصحاب محمّد (ص) ، وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم ، فلمّا كان في الست الأواخر استأثر ببني عمّه فولّاهم ، وولّى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر ، فمكث عليها سنين ، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه ... فكتب إليه كتابا يتهدّده فيه فأبى أن ينزع عمّا نهاه عنه وضرب بعض من شكاه إلى عثمان حتى قتله.
ولمّا ضاق الأمر بالمسلمين ، كتب من كان من أصحاب النبيّ (ص) بالمدينة
__________________
(١) فتوح ابن أعثم ، ص ٤٦ ـ ٤٧.
(٢) أنساب الأشراف للبلاذري ٥ / ٢٥ ـ ٢٦.