فوره إلى زياد ، وقال : قد جئتك إلى ما سألت ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن ، فابعث إلى ثلاثين رجلا.
فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة ، ثمّ لم يزل يختارهم حتّى اختار منهم رجلا من عبد القيس ، فقال : خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد ، فاذا فتحت شفتي ، فانقط واحدة فوق الحرف ، واذا ضممتها ، فاجعل النقطة إلى جانب الحرف ، فإذا كسرتها ، فاجعل النقطة في أسفله ، فإن اتبعت شيئا من هذه الحركات نقطة فانقط نقطتين.
فابتدأ بالمصحف ، حتى أتى على آخره ، ثمّ وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك (١).
وقال القفطي (ت ٦٢٤ ه) في كتابه إنباه الرّواة :
ذكر أوّل من وضع النحو وما قاله الرواة في ذلك :
الجمهور من أهل الرواية على أنّ أوّل من وضع النحو أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب (ع) ؛ قال أبو الأسود الدؤلي : دخلت على أمير المؤمنين عليّ (ع) فرأيته مطرقا مفكرا ، فقلت : فيم (٢) تفكّر يا أمير المؤمنين؟
فقال : سمعت ببلدكم لحنا ، فأردت أن أصنع كتابا في اصول العربية.
فقلت له : إن فعلت هذا أبقيت فينا (٣) هذه اللّغة العربيّة ، ثمّ أتيته بعد أيّام ،
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ، ترجمة أبي الأسود الدؤلي. مصوّرة المجمع العلمي بدمشق ، ٨ / ٢ / ٢٠٨.
(٢) في الأصل : «فيما تفكر».
(٣) في رواية ياقوت عن الزجاج : «إن فعلت هذا يا أمير المؤمنين أحييتنا ، وبقيت فينا هذه اللّغة». معجم الادباء ١٤ / ٤٩.