سبب وضع النحو :
وسبب وضع عليّ (ع) لهذا العلم ما روى أبو الأسود قال : دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) ، فوجدت في يده رقعة. فقلت : ما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : إنّي تأمّلت كلام الناس فوجدته قد فسر بمخالطة هذه الحمراء «يعني الأعاجم» ، فأردت أن أضع لهم شيئا يرجعون إليه ويعتمدون عليه. ثمّ ألقى إليّ الرقعة وفيها مكتوب «الكلام كله اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى ، والفعل ما انبئ به ، والحرف ما جاء لمعنى» وقال لي : انح هذا النحو وأضف إليه ما وقع إليك. واعلم أنّ الأسماء ثلاثة : ظاهر ومضمر واسم لا ظاهر ولا مضمر ، وانما يتفاضل الناس يا أبا الأسود في ما ليس بظاهر ولا مضمر ، وأراد بذلك الاسم المبهم.
ثمّ قال : وضعت بابي العطف والنعت ، ثمّ بابي التعجب والاستفهام إلى أن وصلت إلى باب (إنّ وأخواتها) ما خلا لكنّ ، فلمّا عرضتها على عليّ (ع) أمرني بضمّ لكنّ إليها ، وكنت كلّما وضعت بابا من أبواب النحو عرضته عليه (ع) إلى أن حصلت على ما فيه الكفاية قال : «ما أحسن هذا النحو الّذي قد نحوت» فلذلك سمّي النحو.
وكان أبو الأسود ممّن صحب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) ، وكان من المشهورين بصحبته ومحبّته ومحبّة أهل بيته ، وفي ذلك يقول :
يقول الأرذلون بنو قشير |
|
طوال الدهر لا تنسى عليا |
فقلت لهم فكيف يكون تركي |
|
من الأشياء ما يحصى عليا |
احب محمّدا حبّا شديدا |
|
وعبّاسا وحمزة والوصيا |
فإن يك حبّهم رشدا اصبه |
|
وفيهم اسوة إن كان غيا |
فكم رشدا أصبت وحزت مجدا |
|
تقاصر دونه هام الثّريا |