هلك حتى هلك ذكره ؛ إلّا أن يقول قائل : عمر إلى قوله : وانّ ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرّات (أشهد أنّ محمّدا رسول الله).
فأيّ عمل يبقى؟ وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك ، ولا والله إلّا دفنا دفنا!
من كلّ ذلك نعرف أنّ خصائص المجتمع على عهد معاوية كانت من جانب الحاكم تملكه باسم الإسلام وتخلّقه بأغلظ العصبيّات الجاهليّة ، ثمّ توظيفه من يضع الأحاديث في فضائل ذوي ارومته وعصبته ، وذمّ من يخاصمهم من بني هاشم ولا سيمّا الإمام عليّ ، وبقيت تلكم الأحاديث منتشرة بين المسلمين حتى عصر تدوين الحديث ، حيث انتشرت في أنواع كتب الحديث ، وسوف ندرس بعضها ممّا رويت في شأن القرآن الكريم في البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.
ثانيا ـ على عهد خلفاء آل العاص :
سار على نهج معاوية من جاء بعده من خلفاء بني اميّة ، فقد روى اليعقوبي في أيّام مروان من تاريخه (٢ / ٢٦١) ما موجزه :
إنّ عبد الملك منع أهل الشام من الحجّ أيام ابن الزبير بمكة وقال لهم : مسجد بيت المقدس يقوم لكم مقام المسجد الحرام ، وهذه الصخرة الّتي يروى أن رسول الله (ص) وضع قدمه عليها لمّا صعد إلى السماء ، تقوم لكم مقام الكعبة ، فبنى على الصخرة قبّة ، وعلق عليها ستور الديباج ، وأقام لها سدنة ، وأخذ الناس بأن يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة ، وأقام بذلك أيّام بني اميّة.
وبلغ أمر إبعادهم أهل الشام عن فهم الحقيقة إلى حدّ أنّهم لم يرضوا أن تنشر بين أهل الشام سيرة الرسول (ص) ، وقد روى في ذلك الزّبير بن بكار : في الموفقيات (ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣) ، وقال ما موجزه :
(إنّ سليمان بن عبد الملك مرّ بالمدينة حاجّا في عصر أبيه ، وأمر أبان بن