الثانية ، فلمّا تركت نقطت بين الواو والدال ، لأنّ موضعها بينهما ، ولو نقطت في قفا الواو لاختلطت وظن المنقوط له أنها المودة على قياس المعودة. ومما يكتب أيضا في المصحف «ليسؤا وجوهكم» ، من قرأها على الجماع (١) كتب بواو واحدة فاذا نقطها نقطها في قفا الواو لأنّ قياسها ليسوعوا ، فقد ذهبت عين الفعل والواو الساقطة من المودّة الّتي بعد الواو الّتي فيها ، والواو واو الجمع ، ولا بدّ من إثباتها فهذا فرق ما بينهما. ومن قرأ «ليسؤا» ويرفعها شيئا للنصبة لأنّ قياسها ليسوع ، فالهمزة بعد الواو ، فليس على الألف منها شيء ، لأنّ الألف ليست من الحرف ، وكذلك «إنّي اريد أن تبوأ بإثمي» ، وكذلك «شيئا». وأمّا أبو محمّد فقال في هذه النقطة «تبوأ بإثمي» و «ليسؤا وجوهكم» تقع على الألف واحدة ويحتج في ذلك بقوله لو قلت أمرتهما أن تبوا الآيتين لم يكن بد من تقييدها وإن كانت النقطة تقع على الألف مقيّدة ، فالألف أولى بها في غير التقييد ، وإنما نقطت «وجيء» (٢) فتحتها بعد الياء ورفعتها ، لأنّها غير مكتوبة بالألف ، فالهمزة مكان الألف ، وكذلك «سيء بهم».
فأمّا إذا كانت الهمزة مجزومة وما قبلها مكسور مثل «يئس» نقطت الهمزة من أسفل لا تجعلها قبل الياء لأنّ قياسها يعس والهمزة هي الياء. وأمّا «باءو بغضب» و «جاءو» فكتبت في المصحف بغير ألف وقياسها جاعوا وباعوا ، فإذا نقطتها في قفا الواو كان ينبغي أن يكتب الألف بعد الواو ودخول الألف وخروجها في النقط من هذا سواء ، لأنّ الهمزة قبل الواو.
وقوله «ورأوا» (٣) كتبت أيضا بغير ألف ونقطتها تقع قبل الألف ، لأنّها مثل «اتو» مقصورة ، وإذا جاءت الهمزة في مثل «ائتوني به» و «ائذن لي» ، فإنّ الهمزة
__________________
(١) الجماع : كذا هي في الأصل والمراد الجمع.
(٢) وجيء : وهي في المصاحف الحديثة «وجايء».
(٣) ورأوا : وهي في مصحفنا بالألف.