خصائص المجتمع الإسلامي على عهد العباسيين
اختلفت سياسة الخلفاء العباسيين في أوّل عهدهم عمّا كان عليه الأمويون من تفسخ خلقي وتجاهر بمخالفة الأحكام الإسلامية ، غير أنّ التعصّب القبلي بين أبناء الامّة لم يتغير ، بل اتسع في آخر العهد الأموي واشتدّ حتى عمّ جميع قبائل الأنصار اليمانيين القحطانيين من جانب وجميع قبائل النزاريين والعدنانيين من جانب آخر ، وبقي الأمر كذلك إلى العهد العباسي.
وجرت بين القبيلتين مفاخرات ومنافرات عادت على اللغة العربيّة بأدب غزير شعرا ونثرا في الحماسة والهجاء وغيرهما ، وكان أبطالها الشعراء من أبناء القبيلة كالكميت ودعبل ، أو من مواليها وأدعيائها كأبي نواس الحسن بن هانئ.
وكانت المفاخرة تقوم على ذكر بطولات أفراد القبيلة ، ومن ثمّ كان احياء أيّام العرب في الجاهليّة والإسلام ، وذكر أمجادها وأمجاد من يمتّ إليها بنسب ، أو سبب.
ومن ذلك ما ذكره المسعودي في التنبيه والإشراف ، وقال :
من أشعار ولد معد بن عدنان في افتخارهم بالفرس على اليمانيّة ، وانّهم من ولد أبيهم إبراهيم ، كقول جرير بن عطيّة الخطفي التميمي مفتخرا لنزار على اليمن :
أبونا خليل الله لا تنكرونه |
|
فأكرم بإبراهيم جدّا ومفخرا |
وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا |
|
حمائل موت لا بسين السنوّرا(١) |
__________________
(١) السنوّر : الدّرع أو جملة السّلاح.