عصر تدوين الحديث
تمهيد :
في أخريات العهد الأموي وأوائل العصر العباسي ، وانشغال الطرفين بالحروب بينهما فسح المجال للناس أن يأخذوا أحاديث الرسول (ص) من الإمام الباقر والإمام الصادق (ع) من أئمّة أهل البيت ، وفسح المجال للإمام جعفر بن محمّد الصادق (ت : ١٤٨ ه) أن يروي الحديث مسلسلا عن آبائه عن رسول الله (ص) كما بيّنّا الخبر بهذا السند في الفصل الرابع من المجلّد الثاني من كتابنا «معالم المدرستين» بحث (القرآن والسنّة هما مصدرا التشريع لدى مدرسة أهل البيت) ، ولما فسح المجال للإمام الصادق أن يروي الحديث لانصراف آخر الأمويين إلى الحرب مع العباسيين ، اجتمع على الإمام الصادق آلاف الرواة ، وقد كتب ابن عقدة (ت : ٣٣٣ ه) أسماء الّذين رووا عن الصادق أربعة آلاف رجل كما جاء ذلك في ترجمته في الكنى والألقاب للقمي ، وراجع ترجمة ابن عقدة في ميزان الاعتدال للذهبي. لذا اقتضى الدافع السياسي لأبي جعفر المنصور (ت : ١٥٨ ه) أن يأمر بكتابة العلم كالآتي بيانه :
ذكرنا في بحث منع كتابة سنّة الرسول (ص) من المجلّد الثاني من معالم المدرستين كيف منع الخلفاء من تدوين سنّة الرسول (ص) إلى عصر عمر بن عبد العزيز والذي أمر بتدوينها.
غير أنّه لم يتم الأمر لوفاة عمر بن عبد العزيز بالسمّ عام (١٠١ ه) ، وفقد ما كان دوّن في عصره. فقد روى ابن حجر في ترجمة أبي بكر بن محمّد بن عمرو ابن حزم (ت : ١١٧ ه) ما موجزه :
كتب إليه عمر بن عبد العزيز ، أن يكتب له العلم. وقال ابنه بعد وفاته : ضاعت تلك الكتب (١).
__________________
(١) راجع تهذيب التهذيب ١٢ / ٣٩.