كيفية رواية الحديث في عصر منع تدوينه وعصر الأمر بتدوينه
أ ـ في عصر الصحابة :
قال ابن الجوزي (ت : ٥٩٧ ه) في كتاب الموضوعات ، الباب الثالث ، في الأمر بانتقاد الرجال والتحذير من الرواية عن الكذابين والبحث عن الحديث المباين للاصول :
كان السرب الأوّل صافيا ، فكان بعض الصحابة يسمع من بعض ويقول : قال رسول الله (ص) من غير ذكر رواة له ، لأنّه لا يشك في صدق الراوي. ودليل ذلك رواية أبي هريرة وابن عباس قصة (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وهذه قصة كانت بمكّة في ـ بدو ـ [بدء] الإسلام وما كان أبو هريرة قد أسلم ، وكان ابن عباس يصغر عن ذلك. وكذلك روى ابن عمر وقوف رسول الله (ص) على قليب بدر وابن عمر لم يحضر. وروى المسور بن ـ محرمة ـ [مخرمة] ومروان بن الحكم قصة الحديبية وسنهما لا يحتمل ذلك لأنّهما ولدا بعد الهجرة بسنين. وروى أنس بن مالك حديث انشقاق القمر بمكّة ، وقال البرّاء بن عازب : ليس كلّ ما يحدّثكموه [سمعناه] من رسول الله (ص) ، ولكن حدثنا أصحابنا ، ثمّ لم تزل الآفات تدب حتى وقعت التهم فاحتيج إلى اعتبار العدالة (١).
هكذا قال ابن الجوزي وسائر العلماء في شأن روايات الصحابة ، ومنشأ قولهم هذا إنّما هو اعتقادهم بعصمة الصحابة عن الزلل والخطأ والنسيان ، وسوف
__________________
(١) كتاب الموضوعات ، ط. المدينة المنوّرة سنة ١٣٨٦ ه (١ / ٩٩). وسمعناه ، في الأصل : سعمناه.