كان يريد البيعة للمهدي ، وكان ابنه جعفر يعترض عليه في ذلك ، فأمر بإحضار الناس فحضروا ، وقامت الخطباء فتكلّموا ، وقالت الشعراء فأكثروا في وصف المهدي وفضائله ، وفيهم مطيع بن إياس ، فلمّا فرغ من كلامه في الخطباء وإنشاده في الشعراء قال للمنصور : يا أمير المؤمنين! حدّثنا فلان عن فلان أنّ النبيّ (ص) قال : «المهديّ منّا محمّد بن عبد الله وامّه من غيرنا ، يملأها عدلا كما ملئت جورا» وهذا العباس بن محمّد أخوك يشهد على ذلك. ثمّ أقبل على العباس ، فقال له : انشدك الله هل سمعت هذا؟ فقال : نعم. مخافة من المنصور. فأمر المنصور الناس بالبيعة للمهدي.
قال : ولما انقضى المجلس ، وكان العباس بن محمّد لم يأنس به ، قال : أرأيتم هذا الزنديق إذ كذب على الله عزوجل ورسوله (ص) ، حتى استشهدني على كذبه ، فشهدت له خوفا ، وشهد كلّ من حضر عليّ بأنّي كاذب؟! وبلغ الخبر جعفر بن أبي جعفر ، وكان مطيع منقطعا إليه يخدمه ، فخافه ، وطرده عن خدمته ... الحديث (١).
* * *
في ختام هذه الدراسة الواسعة ينبغي لنا أن نورد خلاصة أخبار القرآن بعد عصر الرسول (ص) إلى عصر الحجّاج فنستعين الله ونقول :
خلاصة أخبار القرآن بعد الرسول (ص):
ذكرنا في أخبار عهد الخليفة أبي بكر ، أنّه أمر بكتابة قرآن مجرّد من حديث الرسول (ص) ، وتمّ العمل على عهد الخليفة عمر ، فأودعه عند امّ المؤمنين حفصة ، فاستعار الخليفة عثمان ذلك المصحف منها ، ونسخ منها نسخا وزّعها في بلاد المسلمين وأمر بجميع مصاحف الصحابة الّتي كانوا قد كتبوا في بعضها بيان
__________________
(١) الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني ، ط. ساسي ١٢ / ٨١.