لكرامته. واختلف المسلمون بمدرسة الخلفاء بعد ذلك ، فمنهم من يقرأها ، ومنهم من اتبع سنّة معاوية واجتهاده وترك قراءتها سواء من كان منهم في الحرمين الشريفين أم في غيرهما.
خامس عشر ـ هل يتيسر الرجوع إلى القرآن الكريم دون الحديث؟
قد تبعث موارد من تلكم الروايات المتناقضة بعض المصلحين ليرفع عقيرته مناديا بالدعوة للرجوع إلى القرآن الكريم وحده دون الرجوع إلى الأحاديث النبويّة الشريفة المختلفة حرصا منه على حفظ وحدة المسلمين ، وغيرة منه محمودة للحفاظ على مصلحة المسلمين. ولست أدري بما ذا ينصح اولئك المصلحون في أمثال روايات البسملة والّتي تخصّ تلاوة القرآن الكريم نفسه كما أنزله الله!؟
ثمّ انّ الاختلاف في شأن البسملة قد وقع بين المسلمين على أي حال فمنهم من يجهر بها في تلاوة سورة الفاتحة في الصلاة الجهرية ومنهم من يتركها فيها وكلتا القراءتين تنشران على العالم بواسطة إذاعات البلاد الإسلامية. إذا فلا جدوى في ترك البحث عن الصحيح من الروايات المتناقضة حرصا على حفظ الوحدة بين المسلمين. ثمّ إنّه لا يمكن الاقتصار على القرآن الكريم وحده وهو مساوق للقول بترك فهم الإسلام لأنّ الله سبحانه جعل بيان القرآن للناس في أحاديث الرسول (ص) وقال : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النّحل / ٤٤) ، فلا بدّ لنا إذا من القيام بتمحيص سنّة الرسول للتمسّك بالصحيح منها وترك المدسوس فيها.
وفي صدد تمحيص سنّة الرسول ومعرفة الصحيح من رواياتها عن الضعيف منها ، ركن علماء مدرسة الخلفاء إلى ما ارتآه الشيخان البخاري ومسلم في ذلك وقلّدوهما في هذا الأمر وقالوا بصحّة جميع الروايات الّتي جاءت في