ب ـ إقراء الرسول (ص) القرآن لمن أسلم بمكّة :
كان لإقراء المؤمنين بمكّة مرحلتان :
١ ـ مرحلة الإقراء السريّة : في هذه المرحلة كان الرسول (ص) يجتمع بالمؤمنين سرّا في دار الأرقم بن أبي الأرقم بأصل الصفا لإقرائهم في دور سريّة الدعوة ، ولم يكن الاجتماع بهم لحياكة مؤامرة ضدّ قريش ، ولعلّ في هذا الدور كان ما أخبره الصحابي عمر بن الخطاب وقال :
كان رسول الله (ص) يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوّة ـ وفي رواية من أهل اليسار ـ فيكونان معه ويصيبان من طعامه ، وقد كان ضمّ إلى زوج اختي رجلين ، فدخلت عليهم وكان القوم جلوسا يقرءون القرآن في صحيفة ، وفي لفظ آخر بكتاب.
وعن الإقراء في مكّة قال ابن مسعود :
بينا نحن عنده على حرّاء إذ نزلت عليه سورة المرسلات فأخذتها وإن فاه ليرطب بها (١).
٢ ـ مرحلة الإقراء العلنية : ونرى انّ في دور التبليغ العلني كان من خبر الضرير ابن ام مكتوم في ما جاء في روايات تفسير (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) أن الإقراء كان بعد ذلك علنا ، ويظهر من قراءة عبد الله بن مسعود سورة الرّحمن في الحرم على قريش وقراءة جعفر بن أبي طالب خبر عيسى بن مريم من سورة مريم على النجاشي في الحبشة أنّهم في مكّة كانوا يحفظون القرآن عن ظهر قلب.
* * *
__________________
(١) بترجمة ابن مسعود من مختصر تاريخ ابن عساكر ١٤ / ٤٧.