المهاجرين والأنصار أماكن لإقراء القرآن ، وعلى أثر ذلك كثر في الصحابة من حفظ القرآن عن ظهر قلب ، وبلغ عدد القرّاء منهم درجة لا يمكن حصرهم وعدّهم إلّا من ذكر اسمهم لمناسبة ؛ مثل خبر القرّاء السبعين من شبّان الأنصار يقال لهم القرّاء ، يتدارسون القرآن ليلا ، فأرسلهم الرسول (ص) ليقرئوا بعض القبائل العربية خارج المدينة ، فاستشهدوا جميعا غير واحد منهم ، ووجدنا ذكر قرابة أربعين صحابيا ذكرت أسماؤهم في مناسبات في عداد القرّاء وجامعي القرآن ، وكان فيهم مثل عبد الله بن عمرو بن العاص ، الّذي أراد أن يختم القرآن في ليلة ، فنهاه الرسول (ص) عن ذلك ، وأرشده إلى أن يقرأه في سبع ليال ، وكل ذلك يناقض ما رواه أنس من أنّه حصر من جمع القرآن على عهد الرسول (ص) في الأنصار دون المهاجرين ، و ـ أيضا ـ جعل هذه الميزة لقبيلته من الخزرج دون قبيلة الأوس من الأنصار.
اهتمام الرسول (ص) بسور خاصّة :
اهتمّ الرسول (ص) بذكر سورة هود وأخواتها الواقعة والحاقة وإذا الشمس كورت والمرسلات وعمّ يتساءلون والقارعة وسأل سائل لما جاء فيها من تخويف ، وأمثلة ممّا جرى على الامم السالفة من العذاب.
وقال ـ أيضا ـ : اعطيت مكان التوراة السّبع الطّوال واعطيت مكان الزبور المئين ، واعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل.
والسبع الطوال : البقرة وآل عمران والنّساء والمائدة والأنعام والأعراف والكهف ، والمئون : ما وليها سمّيت بذلك لأنّ كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها ، والمثاني : ما ولي المئين ، والمفصل : ما ولي المثاني في قصار السور إلى آخر سورة الناس بلا نزاع (١).
__________________
(١) الإتقان للسيوطي ١ / ٦٥.