دراسة الخبر :
أ ـ يظهر أنّ هذا التابعي أقرأ أهل الكوفة القرآن بعد مغادرة ابن مسعود منها على أثر امتناعه من تسليم مصحفه لوزعة الخليفة ليحرق ، واستمر على إقرائهم إلى عهد استاذه الإمام عليّ وبعده كذلك إلى عهد الحجّاج.
ب ـ كان يعلّمهم خمس آيات خمس آيات أي يعلّمهم تلاوة لفظ القرآن مع أنّه كان ممّن روى أنّ رسول الله (ص) كان يقرئ أصحابه عشر آيات عشر آيات لا يتعدّونها حتّى يعلموا ما فيها من العلم والعمل ، والسبب في ذلك أنّ الخلفاء منعوا من تعليم القرآن مع بيان الرسول (ص) في تفسيره. وبما ان أهل الكوفة كانوا خليطا من الموالي والعرب الّذين ابتعدوا عن موطنهم الأصلي واحتاجوا لتصحيح كلامهم أن يضع لهم الإمام عليّ (ص) علم النحو ، لهذا السبب كان لا بدّ له أن يعلمهم تلاوة خمس آيات خمس آيات ولا يتعدّونها حتّى يتقنوا تلاوتها.
هكذا استمرّ إقراء القرآن منذ عصر الرسول (ص) بإقرائه الصحابة وإقراء من قرأ على الرسول (ص) لغيره بإشراف الرسول (ص) وإقراء آلاف الصحابة للتابعين بعد عصر الرسول (ص) وإقراء عشرات الالوف من التابعين في عصر الصحابة لمئات الالوف بل للملايين من المسلمين تحت إشراف الصحابة ، وهكذا استمرّ إقراء الأجيال المتعاقبة بلا انقطاع إلى عصرنا الحاضر ، ويدلّ على ما ذكرنا في عدد القرّاء في عصر الصحابة وما بعدهم ما جاء في خبر إقراء الصحابي أبي الدرداء أنّه كان يقرئ ستمائة وألف شخص وعليهم ستون ومائة عريف ، وأنّه بقي على ذلك زهاء سبعة عشر عاما منذ العام الثامن عشر هجرية قبل طاعون عمواس وإلى سنة وفاته عام أربعة وثلاثين بعد الهجرة. فكم كان عدد التابعين الذين تخرّجوا عليه في إقراء القرآن؟ وإذا قسنا عليه أمر آلاف الصحابة الذين بعثهم الخليفة لإقراء القرآن في أنحاء البلاد ، علمنا أنّ عدد القرّاء كان يتجاوز