ثانيا ـ المستشرق هنري ماسيه
قال في كتابه الإسلام (١) :
تثبيت نص القرآن ـ عند وفاة محمّد لم يكن هناك أيّة مجموعة للنصوص القرآنية قررت بشكل نهائي. وما من شك في ان عددا من مجموعة الوحي الأوّل لم تكن قد حفظت ؛ ولكن شذرات مهمّة كانت قد سجّلت كتابة على عظام مسطّحة ، وأوراق نخيل أو حجارة. وبسبب الأهمية التجارية للمدن المقدسة كان عدد من سكانها يعرفون القراءة والكتابة دون شك ، وتسرد التقاليد أسماء الأشخاص الذين قاموا بوظيفة الكتابة للنبيّ : ابيّ بن كعب ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وزيد بن ثابت بشكل خاص.
ويعود فضل جمع هذه الشذرات المبعثرة للمرّة الاولى إلى أبي بكر خليفة محمّد ، أو إلى عمر الّذي أشار عليه بذلك. وفي السنة الحادية عشرة والثانية عشرة للهجرة فان عددا من الناس الذين كانوا يعرفون الآيات القرآنية غيبا قد ماتوا في الحرب ضد النبي الكاذب مسيلمة. وقد خاف عمر حينذاك أن يختفي النص المقدس بكامله فحمل أبا بكر على جمع الوحي. وتردّد أبو بكر أوّلا في أن يقوم بعمل لم يحدثه النبيّ عنه ، ولكنّه امتثل ودعا الفتى زيد بن ثابت ، وهذا جمع بدوره كل ما وجده مكتوبا على مختلف المواد وكل ما احتفظ به رفاق النبي في ذاكراتهم ، ثم صنف هذه الشذرات ونسخها في صحف وأعطاها لأبي بكر.
وهذا الجمع الأوّل لمخطوط القرآن لم يكن ذا صفة رسمية ، بل كان فقط
__________________
(١) ترجمه بهيج شعبان إلى العربية ونشره عويدات. بيروت وعليه ترخيص ماكس لوكير الفرنسي بترجمته لجميع الناطقين باللّغة العربية.