(ان دلالة هذا الكلام على ان جميع ما رواه الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه صحيح عنده ، وهو يراه حجة ـ فيما بينه وبين الله تعالى ـ واضحة ، إلّا إنّا قد ذكرنا : ان تصحيح أحد الاعلام المتقدمين رواية لا ينفع من يرى اشتراط حجية الرواية بوثاقة راويها أو حسنه ، على أنا قد علمنا من تصريح الصدوق نفسه ـ على ما تقدم ـ أنه يتبع في التضعيف والتصحيح شيخه ابن الوليد ، ولا ينظر هو الى حال الراوي نفسه ، وأنه ثقة أو غير ثقة.
أضف الى ذلك أنه يظهر من كلامه المتقدم : ان كل رواية كانت في كتاب شيخه ابن الوليد أو كتاب غيره من المشايخ العظام والعلماء الاعلام يعتبرها الصدوق رواية صحيحة ، وحجّة فيما بينه وبين الله تعالى.
وعلى هذا الأساس ذكر في كتابه طائفة من المرسلات أفهل يمكننا الحكم بصحتها باعتبار أن الصدوق يعتبرها صحيحة.
وعلى الجملة : إن اخبار الشيخ الصدوق عن صحة رواية وحجيتها ، إخبار عن رأيه ونظره ، وهذا لا يكون حجة في حقّ غيره).
* * *
وإذا كان هذا دأب علماء مدرسة أهل البيت مع أشهر موسوعة حديثية عندهم ، فما ذا يكون شأنهم مع أحاديث الكتب التي ألفت بعدها ونالت من الشهرة دونها ، مثل : الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار وغيرها؟
وقد أثبت استاذ الفقهاء الخوئي (ره) في مقدمة «معجم رجال الحديث» انّ مؤلفي الكتب الاربعة أنفسهم ، ما اعتقدوا بصحة جميع أحاديث الكتب الاربعة (١) وهذا رأي عامّة علماء مدرسة أهل البيت (ع) ، عدا بعض الاخباريين ، كما سننقله في ما يأتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) معجم رجال الحديث ، المقدمة الاولى ١ / ١٩ ـ ٣٥.