ولا يكفي في ثبوته (أي القرآن) الظنّ ، والخبر الواحد ونحوه كما ثبت في الأصول ... بل يفهم من بعض كتب الاصول ، انّ تجويز قراءة ما ليس بمعلوم كونه قرآنا يقينا فسق ، بل كفر ، فكل ما ليس بمعلوم انه يقينا قرآن ، منفي كونه قرآنا يقينا ، على ما قالوا.
ثم الظاهر منه وجوب العلم بما يقرأ قرآنا ، انه قرآن. فينبغي لمن يجزم أنّه يقرأ قرآنا تحصيله من التواتر فلا بدّ من العلم. فعلى هذا فالظاهر عدم جواز الاكتفاء بالسماع من عدل واحد ... ولمّا ثبت تواتره ، فهو مأمون من الاختلال ... مع أنّه مضبوط في الكتب ، حتى انه معدود حرفا حرفا وحركة حركة. وكذا الكتابة وغيرها مما يفيد الظن الغالب ، بل العلم بعدم الزيادة على ذلك والنقص (١).
الحادي عشر : القرن الحادي عشر :
قال شيخ الاسلام بهاء الملّة والدين محمد بن الحسين الحارثي العاملي (ت : ١٠٣٠) : والصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظ من التحريف ، زيادة كانت أو النقصان بنصّ آية الحفظ من الذكر الحكيم. وما اشتهر من الإسقاط في مواضع من الكتاب فهو غير معتبر عند العلماء (٢).
وقال المحدّث المحقق محمد بن المحسن المشتهر بالفيض الكاشاني (ت : ١٠٩١ ه) في المقدمة السادسة التي وضعها قبل التفسير ـ بعد نقل روايات توهّم وقوع التحريف في كتاب الله ـ قال : على هذا لم يبق لنا اعتماد بالنصّ الموجود ، وقد قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان. ط. قم ١٤٠٣ ه ، ٢ / ٢١٨.
(٢) آلاء الرحمن ١ / ٢٦.