أدبارهم ، واحتذائهم في ذلك سنّة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لأنبيائها ، فيقولون بأجمعهم : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ)(١).
ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو المقام المحمود ، فيثني على الله عزوجل بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثني على الملائكة كلهم ، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم يثني على الأنبياء بما لم يثن عليهم أحد قبله ، ثم يثني على كلّ مؤمن ومؤمنة ، يبدأ بالصدّيقين والشهداء ثم الصالحين ، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرضين ، فذلك قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٢) ، فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظّ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظّ ولا نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر ويزال بعضهم عن بعض ، وهذا كله قبل الحساب ، فإذا أخذ في الحساب ، شغل كل إنسان بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم».
قال عليهالسلام : «وأما قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٣) ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عزوجل بعدما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمّى الحيوان ، فيغتسلون فيه ، ويشربون من آخر ، فتبيضّ وجوههم ، فيذهب عنهم كلّ أذى وقذى ووعث (٤) ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربّهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنّة ، فذلك قول الله عزوجل
__________________
(١) المؤمنون : ١٠٦.
(٢) الإسراء : ٧٩.
(٣) القيامة : ٢٢ ، ٢٣.
(٤) الوعث : كلّ أمر شاق من تعب وغيره. «المعجم الوسيط ج ٢ ، ص ١٠٤٣».