إذا عضتهم الحجة فروا إلى الضجة ، وأعرضوا عن المحجة فقال : (أَلَمْ تَرَ) معناها : ينته علمك (إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً) أي : أعطوا نصيبا أي : حظا (مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ). اختلف فيه فقيل : معناه التوراة ، دعا إليها اليهود ، فأبوا لعلمهم بلزون الحجة لهم لما فيه من الدلالات على نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصدقه. وإنما قال : (أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) لأنهم كانوا يعلمون بعض ما فيه. وقيل : معناه القرآن ، دعوا إلى القرآن لأن ما فيه موافق لما في التوراة ، من أصول الديانة ، وأركان الشريعة ، وفي الصفة التي تقدمت البشارة بها. (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) يحتمل ثلاثة أشياء أحدها : إن معناه ليحكم بينهم في نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. والثاني : إن معناه ليحكم بينهم في أمر إبراهيم ، وأن دينه الإسلام والثالث : معناه ليحكم بينهم في أمر الرجم. فقد روي عن بن عباس أن رجلا وامرأة من أهل خيبر زنيا ، وكانا ذوي شرف فيهم ، وكان في كتابهم الرجم ، فكرهوا رجمهما لشرفهما ، ورجوا أن يكون عند رسول الله رخصة في أمرهما ، فرفعوا أمرهما إلى رسول الله ، فحكم عليهما بالرجم ، فقال له النعمان بن أوفى ، وبحري بن عمرو : جرت عليهما يا محمد ، ليس عليهما الرجم فقال لهم رسول الله : بيني وبينكم التوراة. قالوا قد أنصفتنا. قال : فمن أعلمكم بالتوراة؟ قالوا رجل أعور يسكن فدك يقال له ابن صوريا. فارسلوا إليه فقدم المدينة ، وكان جبرائيل قد وصفه لرسول الله ، فقال له رسول الله : أنت ابن صوريا؟ قال : نعم. قال : انت أعلم اليهود؟ قال : كذلك يزعمون. قال : فدعا رسول الله بشئ من التوراة فيهما الرجم مكتوب ، فقال له : إقرأ. فلم أتى على آية الرجم ، ثم قرأعلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى اليهود ، بأن المحصن والمحصنة إذا زنيا ، وقامت عليهما البينة رجما ، وإن كانت المرأة حبلى ، انتظر بها حتى تضع ما في بطنها. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باليهوديين فرجما. فغضب اليهود لذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية. (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ