ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام ، فقال له : أما ترى هذا البغي؟ والله ما أبصر موضع قدمي ، خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغيا وعدوانا ، والله ما أفلح قط قوم بغوا ، ولوددت أنّ ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ، ولم نسر هذا المسير.
فقال له أبو البختري : إنك سيد من سادات قريش فسر في الناس وتحمّل العير التي أصابها محمد وأصحابه بنخلة ودم ابن الحضرمي ، فإنّه حليفك.
فقال عتبة : أنت تشير علي بذلك ، وما على أحد منا خلاف إلا ابن حنظلة ـ يعني أبا جهل ـ فسر إليه وأعلمه أني قد تحمّلت العير التي قد أصابها محمد بنخلة ، ودم ابن الحضرميّ.
قال أبو البختري : فقصدت خباءه ، فإذا هو قد أخرج درعا له ، فقلت له : إن أبا الوليد بعثني إليك برسالة. فغضب ثمّ قال : أما وجد عتبة رسولا غيرك؟ فقلت له : أما والله لو غيره أرسلني ما جئت ، ولكن أبا الوليد سيّد العشيرة ، فغضب غضبة أخرى ، وقال : تقول : سيد العشيرة؟!
فقلت : أنا أقول وقريش كلّها تقول ، أنه قد تحمّل العير ، وما أصابه محمد بنخلة ، ودم ابن الحضرمي.
فقال : إن عتبة أطول الناس لسانا ، وأبلغهم في الكلام ، ويتعصّب لمحمد ، فإنه من بني عبد مناف وابنه معه ، ويريد أن يخذل الناس ، لا ، واللات والعزّى حتى نقحم عليهم بيثرب ، ونأخذهم أسارى فندخلهم مكة ، وتتسامع العرب بذلك ، ولا يكون بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه.
وبلغ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كثرة قريش ، ففزعوا فزعا شديدا ، وبكوا واستغاثوا ، فأنزل الله على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي