مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١).
فلمّا أمسى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجنّه الليل ، ألقى الله على أصحابه النّعاس حتى ناموا ، وأنزل الله تبارك وتعالى عليهم الماء ، وكان نزول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في موضع لا تثبت فيه القدم ، فأنزل الله عليهم السماء ولبّد (٢) الأرض حتى تثبت أقدامهم ، وهو قول الله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) (٣) وذلك أن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم احتلم (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) (٤) وكان المطر على قريش مثل العزالي (٥) ، وعلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رذاذا بقدر ما لبّد الأرض ، وخافت قريش خوفا شديدا ، فأقبلوا يتحارسون ، يخافون البيات (٦).
فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّار بن ياسر وعبد الله بن مسعود ، وقال : «ادخلا في القوم ، واتياني بأخبارهم». فكانا يجولان في عسكرهم ، لا يرون إلّا خائفا ذعرا ، إذا صهل الفرس ثبت على جحفلته (٧) ، فسمعوا منبّه بن الحجّاج يقول :
لا يترك الجوع لنا مبيتا |
|
لا بد أن نموت أو نميتا |
__________________
(١) الأنفال : ٨ : ٩ ـ ١٠.
(٢) لبّد المطر والندى الأرض : ألصق بعض ترابها ببعض فصارت قويّة لا تسوخ فيها الأرجل.
(٣) الأنفال ٨ : ١١.
(٤) الأنفال ٨ : ١١.
(٥) يقال للسّحابة إذا انهمرت بالمطر : قد حلّت عزاليها وأرسلت عزاليها. «لسان العرب ـ عزل ـ ١١ : ٤٤٣».
(٦) بيّتهم العدو بياتا : أي أوقع بهم ليلا. «الصحاح ـ بيت ـ ١ : ٢٤٥».
(٧) الجحفلة لذي الحافر : كالشّفّة للإنسان. «مجمع البحرين ـ جحفل ـ ٥ : ٣٣٤».